قراءة هادئة في كبرى قضايا زكريا بطرس محمد جلال القصاص
آخية زكريا بطرس التي يدور حولها هي نفي نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا هو قطب الرحى الذي يدور حوله . وحين ترصد كلامه عن الوحي الإلهي ومحاولة صرف النبوة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تجد أنه كغيره ممن تكلم في هذه القضية يُكذِّب نفسه ولا يملك حقيقة يعطيها للناس ، وحين أردت أن أسرد أقوال زكريا بطرس في نفي نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأنه لم يكن يتنزل عليه وحي من عند الله وبالتالي أرد عليها وجدت أن أفضل رد عليه هو أن أضع أقواله فقط أمام القارئ ، وما أن تتجاور أقواله حتى يظهر عورها وسوء حالها ، ويكذب بعضها بعض ، وهذه أقوال في نفي الوحي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع قليل من التعليق . ـ مرة يقول أن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ هي التي أعدت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للنبوة ، يقول : كانت ذات مال .. ثرية وتريد مَلِكا كي يؤمن لها طريق التجارة (1)
قلتُ : ما كان هناك مَنْ ولا ما يخيف السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ على مالِها كي تبحث عن مَنْ يؤمنه لها ، قد كانت شريفة نسيبة حسيبه ، ولم يكن أحد من العرب ولا العجم يتجرأ على تجارة قريش كلها ، كانت القوافل تسير إلى الشام وإلى اليمن آمنة من جوع وآمنة من خوف .
ثم لم تكن البعثة النبوية سببا في حصول أمنها ونماء مالها بل أكسدت تجارتها وذهبت بمالها وجلبت عليها الهموم والأحزان فيما يبدوا للناس ؛ فقد انشغل القائم على تجارتها أعني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحاصرت قريشٌ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن تبعه ومن ناصره ـ ومنهم السيدة خديجة رضي الله عنها ـ فلم تَشْتر منهم ولم تبع لهم ، واضطرتهم إلى وديان مكة بين الجبال على الحصى في شعب من شعاب حتى أكلوا ورق الشجر من الجوع ومصّوا الحجر من العطش ، ثم تركوا ديارهم وأموالهم وخرجوا من مكة كلها ، وقد كانت السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ تشجع على هذا كله .
ـ ومرةَ يقول أنه شيطان تلبس به ؛ ويؤكد لمن يسمعه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مستيقنا بأن الذي خرج له في الغار شيطان ، وأن خديجة هي التي أقنعته بأنه وحي لا شيطان وأنه هو نبي هذه الأمة واختبرت له الوحي وأقنعته بذلك (2)
وأخوه ـ في الكفر والصد عن سبيل الله ـ يُكذِّبُه ووجهه في وجهه إذ يقول الدكتور رأفت العماري بأن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ كانت قد تزوجت (نباش ) وكانت الجنُّ قد لبََسَته وراحت من خلاله ـ أي الجن ـ تتعامل مع الناس ، فقدم عليه الناس في بيته ـ بيت خديجة ـ وعمَّروا البيت ليلا ونهارا ، وبعد وفاة ( نبّاش ) استوحشت خديجة ـ ورضي الله عن السيدة خديجة ولعن الله هذا الأفاك الأثيم ـ من قلة الزائرين وأرادت أن تعيد هذه الحياة الموجودة في بيتها عن طريق زوجها الجديد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (3)
وفي ذات الحلقة يقول هذا ( البكَّاش )(4)بأن الوحي كان ترتيبا بين خديجة وأبي بكر ـ لاحظ وليس ورقة وليست السيدة خديجة وحدها ـ ودليل ذلك ـ هذا قوله ـ أن الوحي لم يأت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا في لحاف عائشة(5) وهو ( بكاش ) نضحك من كلامه ونطويه ولا نرويه .
ـ ومرة يقول بطرس ومن معه بأن ورقة بن نوفل كان يبحث عن بديل له .. خليفة يخلفه في القيام بالنصرانية بمكة هو وبنت أخيه خديجة ولذا علَّم محمد ودرّبه وبعد وفاته هو وخديجة تمرد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخرج على الناس بالإسلام بعد وفاة خديجة(6)
ولا تضحك ، ليست مزحة والله ، بل كلام يدعون أنه علمي أتى به البحث ( النـزيه ) ( المجرد ) ، وهناك من يصدق هذا الكلام !!
ونقول : ما كانت خديجة ـ رضي الله عنها ـ نصرانية ، ولا كان ورقة يبحث عن أتباع فضلا عن خليفة يخلفه في أتباعه ، كان فردا يعبد ربه سرا ، يذكي نفسه وربما تحدث بشيء إلى ضيفه ، ولم يحمل لواء دعوة إلى الله ، ولم يجلس لقريش في ناديها يقول لهم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، كان وحيدا يحدث نفسه . وما كانت خديجة نصرانية ولا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نصرانيا قبل البعثة . ولا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة يدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ما عنده علم بشيء من أخبار السابقين ولا المعاصرين ، كان في غفلة عن هذا كله . هذا ما نقرأه في كتبنا .
ـ ومرة يقول أحدهم بأن شيئا من هذا لم يحدث ، لم ينزل عليه ملك ، وهي قصة ملفقه ، يستدل هذا الجهول (7)بأن الذي ظهر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغار قال له اقرأ فقرأ ، ويتساءل ـ وكأني به يضع أصبعه على رأسه عجبا بعقله إذ أتى بغريبة عجيبة لم يفطن إليها غيره ، وهي النملة تفرد ساقيها بين بني النمل فرحا بقوتها ـ مدللا كيف يقول له اقرأ وليس معه صحف يقرأ منها ؟ إذا القصة ملفقة وما كان وحيا يوحى .!!
ويهش ويبش الكذاب اللئيم زكريا بطرس لهذا الرأي ويسكت تأيدا؟
ويجلس أحدنا أمام شيخه في الكتَّاب ـ ومصر كلها كتاتيب إلى اليوم ـ أو في المسجد فيناديه إقرأ من أول كذا ، فيقرأ بلا مصحف ؟
وتُتَمتم بشفتيك فيراك قريب منك فيناديك أشيء يا أبا فلان ؟ فتقول : لا إنما أقرأ من القرآن .
قراءة القرآن لا تعني فتح المصحف والنظر فيه ، وإنما تلاوته بمصحف أو غيبا بلا مصحف . فما العجب إذا أن يقول له إقرأ ويقرأ ؟
? ومرة يقول كان جدّه عبد المطلب ملكا وجد أبيه قصي كان ملكا وخرج في الناس يطلب ملك أبيه ، ويصرح بأنها كان هاشمية تطلب الملك على العرب (8)
وهذا كلام ، كل أخبار السيرة تكذبه .
فلم يخرج في قريش ملكٌ منذ ظهرت قريش ، لا عبد المطلب ولا قصي ولا غيرهما ، بل لم تلد مُضر كلها مَلِكا تملك عليها في الجاهلية .
وأول من تصدى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو عمّه أبو لهب بن عبد المطلب ، وكان ابن عمه وأخوه في الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب من أشد الناس عليه وعلى أصحابه ، وحين دعاهم وأبلغهم دعوة ربه سخروا واستهزءوا ، ولم يسلم معه من بني هاشم إلا صبيان ( علي وجعفر ) ابنا أبي طالب .ثم نفر أو نفران بعد سنين طويلة من الدعوة ، وفي أول معركة أسر العباس بن عبد المطلب ، وعقيل ابن أبي طالب ، وبالكاد فرّ أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب . وكانت ثاني الغزوات بعد غزوة بدر الكبرى مع حلفاء بني هاشم وأخوالهم وهم بنو سُلَيم (9) ، بل كانت الحرب كلها مع قريش أبناء عمومته ، ومع مُضر ( غطفان وسليم وهوازن وثقيف ) وهم الدائرة الثانية من حيث القرابة .
والدعوة قامت على سواعد قبيلتين غير قريش وليسوا من مضر كلها ولا من عدنان كلها . . الأوس والخزرج (10)فكيف يقال كانت هاشمية أو قرشية ؟!
ألا لعنة الله على الكذّابين .
ـ ومرة يقول ـ قبحه الله ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظهر في فترة كثر فيها من ادعى النبوة وأن ذلك من تأثير حكايات يهود (11)
وكالعادة يكذب ، فقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يدَّع أحد النبوة قط ، ولم يفكر أحد في ذلك ، بل غاية ما هنالك أن اعتزل نفرٌ ما كانت عليه العرب من شرك ، وهم الحنفاء وكانوا يُعدون على أصابع اليد كما تقدم ، أما الذين ادعوا النبوة فقد جاءوا في نهاية بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعام تقريبا ، ولم تكن لهم دعوة ولا كتاب كالقرآن ، ولا تبعهم أحد غير قومهم ، ولم تتحرك دعوتهم خارج ديارهم .. جميعهم قتلوا على يد المسلمين فيما يعرف تاريخيا بحروب الردَّة ، ولم يكتب لهم نصر في هذه الحياة ، وهذه أمارة أخرى على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ أن الأدعياء الكذبة يموتون قتلى ولا يكتب لهم نصر في هذه الحياة كما ينص الكتاب ( المقدس ) .
وكانت يهود بين ظهراني العرب من مئات السنين قبل بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يخرج أحد يدعي النبوة لا من يهود ولا من العرب قاطبة حتى جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأين كانت ثقافة يهود ؟!
وكل الذين ادعوا النبوة بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاءوا بعد العام الثاني والعشرين من البعثة النبوية أي بعد ثلاث سنوات من القضاء على يهود وإخراجهم جميعهم من الجزيرة العربية إلا نفر يثيرون الأرض ويسقون الحرث. ولم يتكلم أحد منهم بأن يهود ثقفته .
قد كانت يهود تبشر بمقدم نبي ، وأنه سيهاجر إلى يثرب ( المدينة المنورة ) ، وكانت تخوف به جيرانها من الأوس والخزرج وغطفان ، تقول لهم (إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم )، كانت في المدينة وأجوارها تنتظر ظهور هذا النبي العظيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم لما جاءهم ما عرفوا كفروا به(12) وهذا قول الله تعالى : { وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }[ البقرة : 89].
لم يكن ليهود أحاديث وثقافات تبثها بين العرب عن مُلك يؤخذ بنبوة ، بل إن يهود لا تقول عن داود عليه السلام أنه نبي ، فهو عندها ملك وليس نبي ، وإنما تكلمت يهود عن نبي واحد يبعث ويهاجر إلى يثرب وزعمت أنها تتبعه وتقتل به العرب والعجم . هذا هو حديث يهود في الجاهلية لم نسمع غيره . اللهم أكاذيب زكريا بطرس التي يرويها عن إخوانه من الكافرين والمنافقين .
? ومرة يقول علّمه بحيرى الراهب لينشر المذهب النسطوري في الجزيرة العربية .
وهو يقر ويعترف بأن كتب المسلمين لم تتكلم أن بحيرى جلس للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعلم منه ، وإنما التقاه مرة وهو صبي وتعرف عليه وذكر أنه سيكون نبيا ، والثانية أشار إليه من بعيد ولم يجلسا سويا ، وما بعد ذلك مما يقال عن تعليم بحيرى للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو من أقوال النصارى . يتكلمون من أم رأسهم بما يحلو لهم . وكله كذب .
? ويهود تقول علمه الحاخام اليهودي ( ألفونسو ) ، ولا أدري من ألفونسو هذا ؛ ولا أين التقى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلمه وهو لم يخرج من شعاب مكة إلا مرتين وكان بين أهل مكة لم يفارقهم ساعة ؟
لا أدري شيئا عن ألفونسو ولا أخالهم يدرون شيئا عنه ، وإنما كلام يقذفون به كـ ( تحديف ) الصبية بالطوب (13).
? وبعض المستشرقين ممن يسمون باحثين في التراث الإسلامي يقولون بأن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعلم القرآن من نساءه وأصحابه (14). ومن ثم خلط شيئا من النصرانية بشيء من اليهودية بشيء من الوثنية فخرج بالإسلام .
قلت ُ : في القرآن الكريم ذم للنصارى والنصرانية واليهود واليهودية . فمَن كتب هذا بحيرة أم ألفونسو ؟!
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية إجاباتٌ عن أشياءَ كانت تحدث ، ورصد لحوارات كانت بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه وبينه وبين أعدائه ، بل إن القرآنَ الكريم كلَّه مرتبط بالحدث ، مثلا ما نزل في أسئلة المشركين للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو في مكة وإجابته عليها ، وما نزل في أمر الهجرة ، وما نزل في غزوة بدر ، وما نزل في غزوة أحد والأحزاب وخيبر والحديبية وفتح مكة وحنين .
أخي القارئ !
القرآنُ كلُّه حتى التشريعي منه مرتبط بالحدث ، لم ينزل جملة واحدة ، بمعنى أن القرآن الكريم كان مع الأحداث ونزل جزءا جزءا . " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلنا تنزيلا "
إمرأة تجادل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمر حدث بينها وبين زوجها .. تجادله سرا لا يسمعها من في البيت ، وينزل القرآن ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله .. الآيات ) . أين بحيرى من هذه ؟
والمنافقون يجلسون في ناحية من المسجد يغمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فينزل القرآن يتحدث بحالهم وما تكنه صدورهم . أين بحيرى من هذا ؟
والمنافقون يتناجون سرا ( يعدنا كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن على نفسه أن يقضي حاجته ) وينزل القرآن يكشف أمرهم ويزيع في الناس قولهم . أين بحيرى من هذا ؟
وأحيانا كان يُسأل النبيَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يجب ، يسكت حتى يأتيه الوحي . وأحيانا كان يفعل ويأتي الوحي يخطئه ويعقب عليه ويصوب له .
فهل يعقل أن يكون بحيرة الراهب درى بذلك ورتبه وأعطاه للنبي ، وإن كان فلم كان يسكت حين يسأل ؟ ولم كان يخطئ ويأتيه التصويب من السماء ؟
بل لِمَ لَمْ يكن بحيرة نفسَه أو ورقةَ أو الفونسو أو من سمّوا من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو نساءه لم لم يكونوا أنبياء ويتكلمون هم بأنفسهم ؟!.
وكيف عرفوا ذلك وهو ليس في كتبنا . من أين لهم بهذا ؟
لم ينتبه إليه كفار قريش واليهود والنصارى ... نصارى نجران والشام وطيء ( حي من أحياء العرب منهم عدي بن حاتم الطائي التقى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ) كيف لم ينتبهو إلى هذا وانتبهوا هم إليه ؟
ثم : النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوج السيدة صفية بنت حيي بن أخطب سيد يهود في العام السابع من الهجرة ... في نهايته . أي بعد عشرين عاما من الدعوة . وجاءته ماريةُ القبطية ـ رضي الله عنها ـ أيضا بعد عشرين عاما من الدعوة . فكيف يكون قد تعلم من هذه وتلك ؟
أمر عجيب !!
ومَن من أصحاب النبي كان له علم بالكتاب ؟
يقولون تعلم من صهيب الرومي . ومن سلمان الفارسي ، وصهيبٌ رومي . . أعجمي .. لا ينطق العربية .. . بالكاد يُبين . فأنى له بمثل هذا ؟
وسلمانٌ فارسي أعجمي أسلم في المدينة ... وما درى برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا بعد ثلاثة عشر عاما من هجرته صلى الله عليه وسلم .
وهم يستأنسون بأن القرآن وافق النصرانية واليهودية أو وافق كتابهم بعهديه القديم والحديث في بعض الأمور .
أقول : وفي هذا يكذبون أيضا ، فحتى الأشياء التي وافقت فيها الشريعة الإسلامية كتاب النصارى في عهده القديم أو الجديد ، لم توافقها من حيث المضمون .
مثلا القرآن العظيم تكلم عن نوح إبراهيم وموسى وعيسى وسليمان وداود ولوط عليهم وعلى نبينا صلوات ربي وتسليماته .ولكن هل ما تلكم به القرآن عن أنبياء الله هو هو الذي تكلمت به النصرانية عن كتاب الله ؟
كلام القرآن عن الله سبحانه وتعالى الكبير المتعال ، الواحد الماجد الصمد ، هو ككلام كتاب النصارى عن الله ؟
أبدا . وما عندهم عن الله ورسله يستحى من ذكره .
ثم إن القرآن العظيم معجز في ذاته وبألفاظه ينادي على الجميع من يوم نزل : فأتوا بمثله ... فأتوا بعشر سور من مثله . . . فاتو بسورة من مثله ... أي سورة وإن كانت سطرا واحدا .
وقد حاول كثيرون ، وما استطاعوا .
? ومرة يقول بأنه دعى إلى الحنيفية التي كانت منتشرة قبل بعثته ولذا لم تجد الدعوة صدا من الناس في أول الأمر (15) !!
? ومرة يقول علمه بشر ويستدل على ذلك بقول الله تعالى : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ }[ النحل : 103] وقراءة الآية بتمامها يكذبه {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }[ النحل: 103] فهو قول الكفار ينفيه القرآن ويرد عليه .
?ومرة يقول كتب القرآن نقلا عن شعراء عصره ، ويعد شعراءً جاءوا بعده ، وليس القرآن شعرا 16)
? ومرة يقول تعلم من يهود (17) ويهود كانت في المدينة والقرآن نزل كثير منه في مكة ، ويهود كانت تقاتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول يوم ، ولم توافقه في أي شيء ، وهو لم يوافقها في أي شيء ، بل كان يؤمر بمخالفتها حتى في المظهر .? ومرة يقول اتخذ الأتباع عن طريق المال(18)
? ومرة يقول لا دليل على النبوة إلا شهادة خديجة(19). ? ومرة يقول لا دليل على النبوة إلا خاتم النبوة الذي بين كتفيه.? ومرة يقول أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اتبع ملة آبائه والدليل على ذلك من القرآن في سورة يوسف واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحق يوسف الآية 38 .(20) وآية تتكلم عن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليهم السلام ـ وليس عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآباء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا على الشرك كما كان أبو إبراهيم ـ عليه السلام ـ وكان يقول عنهم ( عبد المطلب في النار ) و ( أبي وأبيك في النار )
والمقصود أنني أردت أن أعرض على حضراتكم تفسيرات الكذّاب اللئيم زكريا بطرس للوحي وكيف يصرف النبوة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهي أقوال متضاربة لا يمكن أن تجتمع ، وكل واحدة منها كذب في نفسها ، وكل واحدة منها تكذبها أختها .
فهل كان ملكا يطلب ملك قريش وقريش لم يكن لها مُلك كي يُطلب ؟!
أم كان ملكا هاشميا يطلب مُلك عبد المطلب وهاشم على قريش والعرب . وما كان عبد المطلب ولا هاشم ولا قصي ملوكا ؟!
أم كان صنعة زوجته الثرية كي تأمن به على تجارتها ولم يكن هناك من ولا ما يخيفها على مالها ؟! أم كان صنعة ورقه الذي لم يجلس له إلا دقائق ؟!
أم كان صنعة بحيرى الراهب الذي لم يلقاه إلا وهو صبي في الثانية عشر من عمره ولدقائق معدودة ؟!
أم علّمه غلمان مكة وعبيدها الذين لا ينطقون العربية أصلا ؟!
أم علّمه أصحابه وأتباعه الذين تبعهوه بعد سنين من البعثة ؟! أم علمته زوجته صفية وسريته مارية القبطية وقد دخلتا بيته بعد عشرين عاما تقريبا من البعثة ؟!
أم كان مسحورا تلبسته الجن فأوحت إليه وهو أعقل الناس دانت له العرب وخافته العجم وأسس أكبر دولة في التاريخ كله ؟!
أم كانت أساطير الأولين اكتتبها وجاء يرويها وقد كان أمّيا لا يكتب ولا يقرأ ؟!
أم شعرا نقله عن شعراء عصره .علما بأن كثيرا ممن يُسمونهم جاءوا بعده ؟!
هم يقولون بكل ذلك ، وأيُّ ذلك لا يصح ، وكل ذلك لا يجتمع .
إنها نفسية مريضة حقودة تتكلم من أم رأسها . ليس برأسها سوى أنها تريد أن تضل الناس بغير حق ، فكذبت وافترت .
وهي حائرة تستغل جهالة المتلقي وقلة اطلاعه .
والحقيقة أن هذا الأمر ليس بجديد ـ من حيث الجملة ـ فقد كانت قريش في ذات الحيرة التي فيها الكذاب اللئيم زكريا بطرس اليوم .مرة تقول أساطير الأولين ، ومرة تقول ساحر ، ومرة تقول شاعر ، ومرة تقول يعلمه بشر ، ومرة تقول أضغاث أحلام . تقول هذا لعامة الناس ، وبينها وبين أنفسها تصدقه وتقسم على صدقه .
ويبقى السؤال : ما هي الأمارة على نبوة رسول الله محمدٍ بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟
هي أمارات وليست أمارة ، وأجيب عليها في االفقرة التالية بحول الله وقوته .
1- سؤال جريء الحلقة الأولى من هل القرآن كلام الله د/56
3- د.رأفت عماري
4- كلمة عامية مصرية تقال لمن يكذب كذبا رخيصا مكشوفا لا ينطلي على أحد .
5- من قول رأفت العماري في وجود زكريا بطرس وقد سكت على كلامه مؤيدا سؤال جريئ الحلقة الثانية هل القرآن كلام الله ؟د /40 وتكلم بذات الكلام زكريا بطرس في الحلقة 27 من برنامج أسئلة عن الإيمان د/16 وما بعدها .
(6) سؤال جريئ الحلقة الأولى من هل القرآن كلام الله د/58
7- أحد المداخلين في حوار جريئ الحلقة الثانية د/21 ، وذهب أحدهم إلى ما هو أبعد من ذلك ن فقد ذكر الدكتور جون في غرفة ميكا بالبالتوك أنه لم يكن شيء اسمه محمد بالمرة وأن القرآن ما وضعه إلا الأمويون وأن لفظ المهاجرين استعمل في القرن الثاني وأن عمر الفاروق سمي بالفاروق لأنه وحد العرب والفرس وقاتل بهم الروم فهو فرق بين الفرس والروم ... وكنت حاضرا .. وكنت أحاوره . ألا لعنة الله على الكاذبين .
8- أرفد لهذا حلقة كاملة في برنامج ( في الصميم ) بعنوان الحاجة إلى ممكلة .
9- أم هاشم وعبد شمس من بني سليم بن قيس بن عيلان بن مضر بن معد بن نذار بن عدنان ابن اسماعيل .. ابن ابراهيم عليه السلام .
10- الأوس والخزرج من قبائل الأزد ا.. أزد شنوءة ، والأزد من القبائل القحطانية . والأوس تعني ( العطية ) و الخزرج تعني الريح الباردة بهذا تكلم صاحب الروض الأنف . وأكتب من حفظي .
11- الأوس والخزرج من قبائل الأزد ا.. أزد شنوءة ، والأزد من القبائل القحطانية . والأوس تعني ( العطية ) و الخزرج تعني الريح الباردة بهذا تكلم صاحب الروض الأنف . وأكتب من حفظي .
12- في البداية والنهاية لابن كثير المجلد الثاني باب كامل بهذا العنوان ( كتاب مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وذكر شيء من البشارات بذلك)
13- الحدف كلمة عامية مصرية ومعناه القذف ، والطوب قطعة الطين إذا يبست .
14- و زكريا بطرس يردد هذا أيضا ، وله حلقات في برنامج أسئلة عن الإيمان يتكلم فيها بأن القرآن وحي عمر بن الخطاب رضي الله عنه
15- في الصميم الحلقة السادسة الدقيقة 14
16- في الصميم في الحلقة التي يتكلم فيها عن امية بن ابي الصلت ، وهو ينقل عن كتاب ( شعراء النصرانية ) لكاتب نصراني كذاب مثله . وقد شرحت ذلك في ( مصادره التي يستدل بها .
17- الحلقة 53 من أسئلة ع23
18- في الصميم الحلقة السابعة د/17
19- تكلم في هذا في برنامج ( في الصميم ) وأعاده مرات أذكر منها في حلقة سؤال جريئ الحلقة الأولى والثانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق