إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 16 أبريل 2014

الخطيئة والكفارة

قرأنا النص التوراتي ورأينا في الملاحظات السابقة ما يجعل العاقل يجزم بركاكة القصة التي تحدثت عن خطيئة آدم، لكنا نتجاوز ونغض الطرف عما ورد فيها من طوام، ليصل بنا الحديث إلى أبعاد خطيئة آدم على الجنس البشري، فما هو معتقد النصارى في خطيئة آدم وعقوبتها وأبعادها؟
يعتبر القديس أوغسطينوس (430م) Augustine في كتابه "The Enchiridion" في مقدمة النصارى الذين قدموا تفسيراً متكاملاً لهذه المسألة، ويعتبره العثماني في كتابه: "ما هي النصرانية" الوحيد الذي استوعب قضية الكفارة.



وخلاصة رأيه كما نقله العثماني: -أن الله خلق الإنسان وترك فيه قوة الإرادة في حرية كاملة، وأنعم عليه، وحرم عليه تناول القمح. لكن آدم وضع قوته الإرادية في غير موضعها عندما تناول ما حرم عليه، ولم يكن صعباً عليه تحاشي المعصية، إذ لم يكن يعرف يومذاك عواطف الهوس والشهوة. ذنب آدم ذنب عظيم لأنه يتضمن ذنوباً عديدة: أولها: الكفر، إذ اختار آدم أن يعيش محكوماً بسلطته، بدل أن يعيش في ظل الحكم الإلهي. وثانيها: كفر وإساءة أدب مع الله، لأن الإنسان لم يتيقن في الله. وثالثها: قتل نفسه، إذ جعل حكمها الموت. ورابعها: الزنا المعنوي، لأن إخلاص الروح الإنسانية قد ضاع من أجل التصديق بقول الحية المعسول. وخامسها: السرقة، إذ نال ما لا يحل له. وسادسها: الطمع

وهكذا كانت هذه الخطيئة أمَّاً لكل الأخطاء البشرية " والحق أنك مهما أمعنت في حقيقة أي إثم، فستجد له انعكاساً في هذه الخطيئة الواحدة ".
- جزاء هذه الخطيئة الشنيعة الموت الدائم، أو العذاب الدائم " لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت"، كما سلب آدم بعدها الحرية الإرادية بعد أن هزمه الذنب، فأصبح حراً في إتيان الإثم، وغير حرٍ في صنع المعروف، فالعقاب المعقول للذنب هو الذنب بعده، بعد تخلي رحمة الله عنه، وهكذا أصبحت الخطيئة مركبة من طبيعة الأبوين، وانتقلت منهما وراثة إلى سائر أبنائهما. (1)
ونلحظ في طرح أوغسطينوس التضخيم الكبير لمعصية آدم، والغاية منه كما هو واضح إغلاق طريق الرجعة وسدّ باب بالتوبة، تمهيداً لإشاعة عقيدة المخلص يسوععليه السلام، والذي بآلامه فقط يمكن الخلاص من هذه الموبقات، وما ذكره أوغسطينوس في ذنب آدم من تهويل من الممكن أن نقوله عن سائر الذنوب، فالحقيقة أن ذنب آدم كسائر الذنوب دون عفو الله ومغفرته.
ولو توقف النصارى عند هذا الحد لكانت القضية شخصية متعلقة بآدم وزوجه فقط، لكن أوغسطينوس وغيره من النصارى يصرون على أن هذا الذنب لابد له من عقوبة قاسية، كما يرتبون على هذا الذنب مسألة خطيرة، وهي وراثة البشرية جمعاء لذنب أبويهم واستحقاقهم لتلك العقوبة القاسية.

ويؤكد القديس أغسطينوس على وراثة البشرية لذنب الأبوين، إذ أصبحت الخطيئة كامنة في طبيعتهما، وانتقلت وراثة إلى سائر الأبناء، فيولد الطفل وهو مذنب، لأن وباء الخطيئة كما يقول جان كالوين قد سرى إلى هذا الطفل وراثة، ويصوره القديس والراهب الدومنيكي توماس أكويناس (1274م) بالذنب تذنبه الروح، لكنه ينتقل إلى أعضاء وجوارح الإنسان.
وهكذا أصبح البشر جميعاً خطاة، وكما يقول عوض سمعان في كتابه " فلسفة الغفران في المسيحية ": وبما أن آدم الذي ولد منه البشر جميعاً كان قد فقد بعصيانه حياة الاستقامة التي خلقه الله عليها، وأصبح خاطئاً قبل أن ينجب نسلاً، إذن كان أمراً بدهياً أن يولد أبناؤه جميعاً خطاة بطبيعتهم نظيره، لأننا مهما جُلنا بأبصارنا في الكون لا نجد لسنة الله تبديلاً أو تحويلاً، ولذلك قال الوحي: " بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم " ( رومية 5/12 - 21 ). (2)
ويشبه كالوني (أحد علماء البروتستانت) انتقال الخطيئة من آدم إلى بنيه بانتقال الوباء، فيقول: " حينما يقال: إننا استحققنا العذاب الإلهي من أجل خطيئة آدم، فليس يعني ذلك أننا بدورنا كنا معصومين أبرياء، وقد حملنا ظلماً ذنب آدم ... الحقيقة أننا لم نتوارث من آدم العقاب فقط، بل الحق أن وباء الخطيئة مستقر في أعماقنا، على سبيل الإنصاف الكامل، وكذلك الطفل الرضيع تضعه أمه مستحقاً للعقاب، وهذا العقاب يرجع إلى ذنبه هو، وليس من ذنب أحد غيره ".(3)
وشعر علماء النصرانية بما تحويه عقيدة وراثة الخطيئة من ظلم للإنسانية، فعلموا على تبريرها وتحسين صورتها، لتقبلها العقول وعقوبتها من دون اعتراض ولا إحساس بالظلم، فيقول ندرة اليازجي: " آدم هو مثال الإنسان، الإنسان الذي وجد في حالة النعمة وسقط، إذن سقوط آدم من النعمة هو سقوط كل إنسان، إذن خطيئة آدم هي خطيئة كل إنسان، فليس المقصود أن الخطيئة تنتقل بالتوارث والتسلسل لأنها ليست تركة أو ميراثاً.

إنما المقصود أن آدم الإنسان قد أخطأ، فأخطأ آدم الجميع إذن، كل واحد قد أخطأ، وذلك لأنه إنسان ". (4)


نقض فلسفة وراثة الخطيئة الأصلية


وهذه التبريرات المتهافتة والتشبيهات المتكلفة ما كان لها أن تقنع أحداً ممن يرى في وراثة الذنب ظلماً يتنزه الله عنه.
فتشبيههم لوراثة الذنب بعدوى المرض باطل، لأن المرض شيء غير اختياري، فلا يقاس الذنب عليه، كما أن المرض لا يعاقب عليه الإنسان.
وفصلُ أكونياس بين الروح والجسد، وقوله بأن الخطيئة تسري من الروح للجوارح خطأ، لأن الخطأ عندما يقع فيه الإنسان، فإنما يقع فيه بروحه وجسده، فالإنسان مركب منهما، ويمارس حياته من خلالهما معاً. أما آدم فهو غير مركب من آدم وأبنائه. (5)
لذا نصر على اعتبار وراثة الذنب نوعاً من الظلم لا يليق نسبته إلى الله عز وجل.
وهذا المعتقد الممجوج عقلاً لا دليل عليه في التوراة، بل الدليل قام على خلافه، إذ جاءت النصوص تنفي وراثة الذنب، وتؤكد على مسئولية كل إنسان عن عمله، ومنها:
" النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون " (حزقيال 18/20 - 21 ).
" لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل " ( التثنية 24/16 ).
" بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه " (إرمياء 31/30 ).
" الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني آدم لتعطي كل واحد حسب طرقه، وحسب ثمرة أعماله " ( إرميا 32/19 ).
" لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته " ( الأيام (2) 25/4 ).
" فإنه لا يموت بإثم أبيه " ( حزقيال 18/17 ).
" أفتهلك البار مع الأثيم، عسى أن يكون خمسون باراً في المدينة، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين باراً الذين فيه، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر: أن تميت البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم. حاشا لك، أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً " ( التكوين 18/23 - 25).
كما نقض المسيح عليه السلام الخطيئة الأصلية بقوله: " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم ... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني " ( يوحنا 15/22 - 24 )، فالمسيح لا علم له بالخطيئة الأصلية الموروثة، لذا فهو يوبخهم على خطيئتهم تجاهه، يقرّعهم على عدم الإيمان به، مع تأكيده على أنهم " لم تكن لهم خطيئة " لو لم يأت إليهم بما آتاه الله من حجج وبراهين.
بطلان وراثة الخطيئة بإثبات براءة الكثيرين من الخطيئة الأصلية
تشهد الكتب المقدسة عند النصارى لكثيرين بالخيرية، وتثني عليهم، ولو كانوا مسربلين بالخطيئة الأصلية لما استحقوا هذا الثناء، ومن هؤلاء الأطفال الذين قال فيهم المسيح في إحدى وصاياه: "الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات، فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو الأعظم في ملكوت السماوات " ( متى 18/3 - 4 )، (وانظر مرقس 10/13/16 ).
وعندها نهر تلاميذه أطفالاً قال: "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات " ( متى 19/13 - 14 ) فيفهم من هذين النصين طهرة الأطفال من الخطيئة الأصلية، لذلك جعلهم مثلاً للأبرار الذين يدخلون الجنة.
لكن القديس أوغسطينوس كان يحكم بالهلاك على جميع الأطفال غير المعمدين، وكان يفتي بأنهم يحرقون في نار جهنم، ولن يتمتعوا برؤية ملكوت الرب. (6)
والأبرار أيضاً لم يحملوا هذه الخطيئة، فهؤلاء الأبرار ذكرتهم نصوص التوراة وأثنت عليهم ولم تتحدث عن هلاكهم أو تأثرهم بالخطيئة الموروثة "كان كلام الرب إليّ قائلاً: ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين: الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست، حي يقول السيد الرب ... الإنسان الذي كان باراً وفعل حقاً وعدلاً، لم يأكل على الجبال، ولم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيل، ولم ينجس امرأة قريبه، ولم يقرب طامثاً، ولم يظلم إنساناً ... فهو بار، حياة يحيا يقول السيد الرب" ( حزقيال 18/19 - 23)، فكل من يعمل الصالحات يكون باراً، ولا تؤثر فيه خطية آدم أو غيره.
ومن هؤلاء الأبرار الذين لم تكبلهم الخطيئة، وأثنت عليهم التوراة، الأنبياء، ولو كانوا حاملين للخطيئة لما كانوا أهلاً لهداية الناس، فإن قيل عفي عنهم، فلم تراه لم يُعفَ عن بقية العالمين - من غير دم - كما عفي عن الأنبياء الذين اختار الله منهم كليماً وخليلاً.
ومن الأنبياء الذين أثنت عليهم التوراة أخنوخ " وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه" ( التكوين 5/24 )، وقد قال عنه بولس: " بالإيمان نقل أخنوخ لكي لا يرى الموت، ولم يوجد لأن الله نقله، إذ قبل نقله شهد له بأنه قد أرضى الله" (عبرانيين 11/5).
وأيضاً نوح عليه السلام تقول عنه التوراة: " وكان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله " ( التكوين 6/9).
وأيضاً إبراهيم فقد قيل له: " لا تخف يا إبرام أنا ترس لك، أجرك كثير جداً " ( التكوين 11/1)، وقيل عنه: " بارك الرب إبراهيم في كل شيء " ( التكوين 24/1).
ومن هؤلاء الأبرار أيوب، وقد أخبر عن نفسه أنه بريء من كل ذنب وإثم، وأنه كان باراً مطيعاً لأقوال الله: "قد قلتَ في مسامعي، وصوت أقوالك سمعتُ. قلت: أنا بريء بلا ذنب، زكي أنا ولا إثم لي" (أيوب 33/8-9).
ورغم هذه المزايا الفريدة لأيوب، فإن يوحنا المعمدان أعظم منه، كما قال المسيح: " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " ( متى 11/11)، ويقول عنه لوقا: "لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب" (لوقا 1/15)، فهؤلاء جميعاً لم يرثوا الخطيئة، ولم تؤثر فيهم مع أنهم من ذرية آدم، والكتاب يعلن صلاحهم وعدم احتياجهم إلى الخلاص بدم المسيح أو غيره..
كما أثنت التوراة على أشخاص من غير الأنبياء ووصفتهم بالصلاح والبر، فدل ذلك على عدم حملهم للخطيئة الأصلية.
منهم هابيل بن آدم الذي تقبل الله منه ذبيحته لصلاحه، ولم يقبلها من أخيه، فلم تمنعه خطيئة أبيه من أن يكون عند الله مقبولاً ( انظر التكوين 4/4)، وقد قال عنه الكاتب المجهول لرسالة العبرانيين: "بالإيمان قدم هابيل للّه ذبيحة أفضل من قايين، فبه شهد له أنه بار، إذ شهد الله لقرابينه" (عبرانيين 11/4).
وكذلك الناجون مع نوح كانوا جميعاً أبراراً، فأنجاهم الله من الطوفان " ورأى الله الأرض، فإذا هي فسدت، إذ كان كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض فقال الله لنوح: نهاية كل بشر أتت أمامي ... وتبقى نوح والذين معه في الفلك فقط" ( التكوين 6/12- 7/23 ). ولو كانت الخطيئة موروثة لكان الجميع خاطئين، ولما كان ثمة مبرر لهذا التفريق بين الناجين والمغرقين.
ومن الأبرار أيضاً لاوي بن يعقوب، والذي اختص وسبطه بالكهانة، حيث قال الله عنه: "عهدي معه للحياة والسلام، وأعطيته إياهما للتقوى، فاتقاني، ومن اسمي ارتاع هو، شريعة الحق كانت في فِيه، وإثم لم يوجد في شفتيه، سلك معي في السلام والاستقامة، وأرجع كثيرين عن الإثم، لأن شفتي الكاهن تحفظان معرفة، ومن فمه يطلبون الشريعة، لأنه رسول رب الجنود" (ملاخي 2/5-7).
كذا خاطب الرب أورشليم محدثاً إياها عن البقية المؤمنة في بني إسرائيل، فقال: "وأبقي في وسطكِ شعباً بائساً ومسكيناً، فيتوكلون على اسم الرب، بقيةُ إسرائيل لا يفعلون إثماً، ولا يتكلمون بالكذب، ولا يوجد في أفواههم لسان غش، لأنهم يرعون ويربضون " (صفنيا 3/12-13)، فهؤلاء اليهود الباقون في أورشليم منزهون عن الإثم والخطية.
وأيضاً شهد المسيح بنجاة لعازر، وقد مات قبل الصلب المزعوم للمسيح " فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الفتى أيضاً، ودفن، فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه، فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني .... " ( لوقا 16/21 -24)، فلعازر نجا وقد مات قبل الصلب المزعوم للمسيح.
ويجزم المسيح بخلاص العشار زكا الذي أنفق نصف ماله في سبيل الله من غير أن يحتاج لدم يخلصه أو فادٍ يصلب عنه " فوقف زكا وقال للرب: ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف. فقال له يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً ابن إبراهيم" (لوقا 19/8-9)، لقد نال الخلاص بالبر والعمل الصالح.


إبطال نظرية الذنب الموروث بشهادات النصارى


ومما يبطل نظرية وراثة الخطيئة الأصلية الإنكار الذي صدر عن النصارى قديماً وحديثاً، فعبروا عن رفضهم لهذا الظلم وعن تحمل تبعات خطيئة لم يرتكبوها ولم يستشاروا فيها، بل ولم يشهدوها، ومن ذلك :
- أن مخطوطات نجع حمادي المكتشفة بعد الحرب العالمية الثانية خلت من الحديث عن الخطيئة والغفران الذي يتحدث عنه آباء الكنيسة.
- أن ثمة منكرون لهذه العقيدة في النصارى، ومنهم الراهبان في روما في مطلع القرن الخامس بيلاجوس وسليتوس وأصحابهما، فقد أنكروا سريان الخطيئة الأصلية إلى ذرية آدم، واعتبروه مما يمنع السعادة الأبدية، وقالوا بأن الإنسان موكول بأعماله.
ومنهم كوائيليس شيس الذي نقلت عنه دائرة المعارف البريطانية أنه قال: " ذنب آدم لم يضر إلا آدم، ولم يكن له أي تأثير على بني النوع البشري، والأطفال الرضعاء حين تضعهم أمهاتهم يكونون كما كان آدم قبل الذنب ".
ويقول الميجور جيمس براون عن فكرة وراثة الذنب الأول: "فكرة فاحشة مستقذرة، لا توجد قبيلة اعتقدت سخافة كهذه ".(7)
ويقول الدكتور نظمي لوقا حيث تحدث عن الآثار السلبية التي تتركها هذه العقيدة فيقول: "الحق أنه لا يمكن أن يقدر قيمة عقيدة خالية من أعباء الخطيئة الأولى الموروثة إلا من نشأ في ظل تلك الفكرة القاتمة التي تصبغ بصبغة الخجل والتأثم كل أفعال الفرد، فيمضي حياته مضي المريب المتردد، ولا يقبل عليها إقبال الواثق بسبب ما أنقض ظهره من الوزر الموروث.
إن تلك الفكرة القاسية تسمم ينابيع الحياة كلها، ورفعها عن كاهل الإنسان منّة عظمى، بمثابة نفخ نسمة حياة جديدة فيه، بل هو ولادة جديدة حقاً...".
ويقول: "وإن أنسى لا أنسى ما ركبني صغيراً من الفزع والهول من جراء تلك الخطيئة الأولى، وما سيقت فيه من سياق مروع يقترن بوصف جهنم ... جزاء وفاقاً على خطيئة آدم بإيعاز من حواء ... وإن أنسى لا أنسى القلق الذي ساورني وشغل خاطري على ملايين البشر قبل المسيح أين هم، وما ذنبهم حتى يهلكوا بغير فرصة للنجاة".(8)
وهكذا بطل القول بسريان الخطيئة إلى ذرية آدم، من خلال النصوص الصريحة في الكتب المقدسة وبشهادة العقلاء من أبناء النصرانية.
من كتاب هل افتدانا المسيح على الصليب
الدكتور منقذ بن محمود السقار

الهوامش
(1) انظر : ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، ص (78 - 80 ).
(2) ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، ص (80 - 82)، وانظر دعوة الحق بين المسيحية والإسلام، منصور حسين عبد العزيز، ص (295).
(3) انظر الخطيئة الأولى بين اليهودية والمسيحية والإسلام، أميمة الشاهين، ص (140 - 141).
 (4) انظر : الخطيئة الأولى بين اليهودية والمسيحية والإسلام، أميمة الشاهين، ص (141)، المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل، عبد الكريم الخطيب، ص (381).
(5) انظر : ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، ص (89).
 (6) انظر : ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، ص (86).
 (7) انظر مخطوطات البحر الميت، أحمد عثمان، ص (154)، ما هي النصرانية محمد تقي العثماني، ص (88 - 90)، المسيح إنسان أم إله، محمد مجدي مرجان، ص (139)، الخطيئة الأولى بين اليهودية والمسيحية والإسلام، أميمة شاهين، ص (270).
(8) محمد الرسالة والرسول، نظمي لوقا ، ص (75-78).


http://www.burhanukum.com/article1049.html 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق