إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 أبريل 2014

حورج حبيب باباوي : لقد كفر البابا شنودة

الكاتب/ الدكتور جورج حبيب بباوي    
جورج باباوي george bebawi
الدكتور جورج حبيب بباوي، عميد المعهد اللاهوتي الأرثوذكسي بولاية إنديانا يعلنها صراحة : لقد كفر شنودة , ويتهم جورج حبيب بباوي الأنبا شنودة بتأثر بالعقيدة الإسلامية بل وأنه غنضم الي الهراطقة والمسلمين بسبب رفض الأنبا شنودة لعقيدة التأله




 بلا اعتذار


          لم أكن أتوقع أنني في يوم من الأيام سوف أكتب رداً على كتاب يحمل إسم بابا الإسكندرية فقد علمنا التاريخ الكنسي أن نوقر ونحترم "باباوات الإسكندرية" العظام الذين حفظوا الايمان ودافعوا عنه. ولكن شذوذ الأنبا شنودة على هذه القاعدة وهجوم الأنبا شنودة على الايمان الذي دونه آباء الاسكندرية والذي نشر بكل لغات الأرض يجعلنا عاجزين عن الصمت. لقد الزمتنا محبة المسيح نفسه الذي "تواضع لكي يرفعنا" الى ان ندافع وان نفند هجوم الأنبا شنودة الذي أصبح بالنسبة لنا لا يحمل صفة "بابا الاسكندرية" لأنه يمزق المسيح الواحد الى اثنين ويكتب بيديه ذات ايمان أريوس. هذا لا نستطيع أن نغفره له – إلا إذا تراجع وتاب – ولا نستطيع أن نغفر له الاستخفاف بجهل القارئ وبعقله لأنه يقول في آخر ما كتب من سلسلة التجاديف "على انهم في اثبات تأليه الانسان ينادون بعبارة غريبة وهي "تأله ناسوت الرب يسوع وهذا ضد الاتحاد بين لاهوت الرب وناسوته، حيث نقول انه بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير أي ان اللاهوت لم يتغير ويصير ناسوتاً، ولا الناسوت تغير وصار لاهوتاً وإلا فأن إحدى الطبيعتين تكون قد زالت ولكنهم يذكرون عبارة "تأله ناسوت الرب يسوع كعنوان في ص 59 "الأصول الآبائية" من نفس كتابهم ويتكرر نفس العنوان في ص 60، 62، ص 63.
          ويقولون في ص 59 "وبالتالي تصبح شركتنا في الابن المتجسد ليست شركة في ناسوت دون اللاهوت..". ثم تأمل أيها القارئ ماذا يقول الانبا شنودة الذي كان اسقفاً لمدينة الاسكندرية وترك وإنضم الى الهراطقة والمسلمين أيضاً. هذه هي بقية كلمات الأنبا شنودة "فمن يدعون اذن الشركة في اللاهوت!! ولعل هذا بعض مما يسميه إخوتنا المسلمون الشرك بالله" !!
سؤال لمن لا يزال مسيحياً
         متى أصبح الإسلام مرجعية لنا في الأمور العقائدية؟ وهل الشرك في الإسلام هو ذاته الشركة في الطبيعة الالهية. اذن بولس وبطرس وقبل كل هؤلاء المسيح يسوع نفسه الذي نادراً ما ينال لقبه الالهي بل يوصف باسم "السيد المسيح" في كتابات الأنبا شنودة.
          هل هذا بلاغ من الأنبا شنودة الى الجماعات الإسلامية المسلحة إقتلوا واذبحوا رهبان الأنبا مقار والذين اصدروا الكتاب الأول والثاني باسم "الأصول الآبائية الارثوذكسية لكتابات الأب متى المسكين" لأن هؤلاء "مشركين بالله" وأصبح دم هؤلاء حلال.
          لعلك الآن أيها القارئ قد أفقت من نومك وأدركت ان لدينا بطريرك يحض على القتل ولا يتورع على استخدام الأساليب الخسيسة للنيل من اعداء تعليم الأنبا شنودة.
جواب على عبارة الأنبا شنودة
          هل وردت عبارة تأله ناسوت الرب يسوع في كتابات القديس اثناسيوس الرسولي ؟
          نعم بكل تأكيد. أين؟ راجع المقالات ضد الأريوسيين وهذه هي النصوص كما وردت:
المقالة الأولى:
          "هو رب المجد وهو العلي، نزل من السماء وهو معبود على الدوام .. لذلك فهو لم يكن إنساناً ثم صار بعد ذلك الهاً، بل كان الهاً وصار انساناً بالأحرى كي يؤلهنا" (38-39).
          "كل الذين دعوا ابناء وآلهة سواء على الأرض أم في السموات نالوا التبني وصاروا متألهين من خلال اللوغوس" (39).
          "أما عبارة "الكلمة صار جسداً" تؤكد ضرورة انه قام ومُجد لأنه صار انساناً .. وكابن الإنسان يُقال انه حسب بشريته ينال ما يخصه من ذاته (اقنومه) لأن الجسد الذي أخذه هو جسده الخاص الذي حسب طبيعته كجسد يقبل النعمة كما قيل وبحسب الرفعة (التي اعطيت له) أخذ (الابن) البشرية في كيانه .. من أجل تأليه البشرية .." (45).
المقالة الثانية:
          عندما يشرح القديس اثناسيوس عبارة سفر الأمثال 8 : 22 "الرب خلقني .." يكتب موضحاً: "إذا سمعنا في سفر الأمثال لفظ "خلق" فلا يجب ان نفهم ان الكلمة مخلوق .. بل انه لبس الجسد المخلوق الذي خلقه الله لأجلنا فقد هيأ له جسداً مخلوقاً لأجلنا كما هو مكتب (عب 10 : 5) لكي نستطيع أن نتجدد ونؤله" (47).
          "هذه هي محبة الله للبشر فقد صار أباً للذين صنعهم حسب النعمة عندما نال الناس المخلوقون روح ابنه في قلوبهم.. (غلا 4 : 6) هؤلاء هم الذين قبلوا الكلمة ونالوا منه سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. لأنه لم يكن في امكانهم – لأنهم مخلوقات – أن يصيروا ابناء الله بأي وسيلة أخرى سوى أن ينالوا روح الابن الذي هو ابن بالحق وبالطبيعة ولكي يتم هذا فقد "صار الكلمة جسداً لكي يجعل الإنسان قادراً على تقبل الألوهة ... ويتضح من هذا اننا لسنا ابناء بالطبيعة. أما الذي جاء وسكن في وسطنا فهو ابن بالطبيعة" (59).
المقالة الثالثة:
          يشرح القديس اثناسيوس كلمات الرب يسوع "أنت فيَّ وأنا فيك" ويقول عنها: "أيها الآب اعمل اذن فيهم، وكما اعطيتني أن ألبس هذا الجسد فأعط روحك لهم لكي يصيروا هم أيضاً بالروح، واحداً وأن يصيروا مكملين فيَّ. لأن تكميلهم يدل على أن كلمتك قد سكن بينهم، ... لأنه من أين يأتيهم الكمال لو لم أكن أي كلمتك قد أخذت جسدهم، وصرت إنساناً .. لأن البشر قد افتدوا من الخطية لا يبقون أمواتاً بعد. بل إذ يتألهون فانهم بنظرهم إليَّ يصير لهم رباط المحبة فيما بينهم" (23 راجع أيضاً فقرة 25).
          وفقرة 33 جديرة بأن تقرأ كلها ولكن سوف نأخذ منها هذه السطور القليلة "وكما اننا نحن جميعاً من الأرض وفي آدم نموت هكذا نحن اذ نولد من فوق من الماء والروح فإننا في المسيح نُحيا جميعاً فلا يعود الجسد فيما بعد أرضياً بل يصير الهياً كالكلمة وذلك بسبب كلمة الله الذي لأجلنا صار جسداً".
          وتحول الجسد الإنساني الى جسد متأله الذي يرفضه الأنبا شنودة هو ما يؤكده القديس اثناسيوس نفسه "قاله الرسول نفسه ان المسيح عندما تألم، لم يتألم بلاهوته بل لأجلنا بالجسد .. بينما هو نفسه غير قابل للتألم بالطبيعة ويظل كما هو لا تؤذيه هذه الآلام بل بالحري إذ هو يوقفها ويلاشيها فإن آلام البشر تتغير وتتلاشى في ذلك الذي هو غير متألم وحينئذ يصير البشر أنفسهم غير متألمين وأحراراً من هذه الأوجاع الى الأبد .. ولأن هذا حدث بالفعل فلا يعترض أحد من الهراطقة قائلاً "كيف يقوم الجسد وهو بالطبيعة مائت؟ وإن قام فلماذا لا يجوع ويعطش ويتألم ويظل مائتاً؟ الجسد من تراب فكيف يمكن ان تتغير طبيعته؟ عند سؤال هذا السؤال بالذات يستطيع الجسد ان يجاوب هذا الهرطوقي المقاوم ويجيب: أنا من تراب وبحسب الطبيعة الترابية مائت لكن قد صرت جسد الكلمة هو حمل أوجاعي مع انه هو نفسه غير متألم هكذا صرت أنا حراً من هذه الأوجاع لم أعد مستعبداً لها لأن الرب حررني منها .. لأنه عندما لبس الرب الجسد وصار إنساناً هكذا نحن البشر فإننا نتأله بالكلمة باتحادنا به بواسطة جسده ولهذا نرث الحياة الأبدية..". هذا هو المقصود بتأله الجسد أن يصير مثل جسد الله الكلمة ليس ترابياً يأكل ويشرب .. الخ مثل تعليم الإسلام عن الحياة بعد الموت في "الجنة".
          وفي الفقرة 39 يرد القديس اثناسيوس على الفكرة اليهودية التي ينشرها أريوس واتباعه وهي ان الجسد والتجسد كان هو سبب رفعة ومجد الله الكلمة ويقول:
          "لكن الكلمة جاء وسكن بيننا لكي يفدي الجنس البشري صار الكلمة الجسد لكي يقدس البشر ويؤلههم .. وما كان يخصه لأنه الكلمة قد أخذه عندما تأنس وصار انساناً وقام من الموت وذلك لكي يصير البشر على الأرض شركاء الطبيعة الالهية وينالون بذلك السلطان على الأرواح الشريرة أما في السموات فانهم يملكون الى الأبد لأنهم قد تحرروا من الفساد" (راجع الفقرة 38) وتأله الجسد هو تأله البشرية وتأله كل من له شركة مع المسيح وهو في عبارة موجزة يؤكد فيها القديس اثناسيوس ان القيامة من الأموات التي حولت الجسد الى عدم فساد هي أحد جوانب التأله ويشرح القديس اثناسيوس هذا في الفقرة 48: "صعد كإنسان الى السماء ورفع معه الجسد الذي لبسه .. قام وخلع عنه الموت وتأله" (راجع فقرة 58).
          تحول الجسد من جسد ترابي الى جسد سمائي الهي وهو المقصود بتأله ناسوت الرب يسوع وهو ذات التأله الذي يتم فينا نحن "الترابيين" "لقد تألم جسد الكلمة ونسب الكلمة هذه الآلام لذاته لكي ما نستطيع نحن أن نشترك في لاهوت الله الكلمة .. لقد اعطى الجسد رفعة اضافية عظيمة فقد صار الجسد الانساني متحداً وشريكاً للكلمة وبعد ان كان الجسد مائتاً صار غير مائت ورغم انه كان جسداً حيوانياً صار جسداً روحانياً ومع انه خلق من تراب الأرض إلا أنه دخل من أبواب السماء" (الرسالة الى ابكتيتوس 6-9).
          وطالما اننا ازاء نفس الرسالة، اي رسالة القديس اثناسيوس الى ابكتيتوس، حيث يذكر معلمنا العظيم ما يكذبه الأنبا شنودة ويحاول أن يوهم القارئ بأن تعليم الأب متى المسكين والدفاع عنه في كتاب "الأصول الإيمانية الآبائية الأرثوذكسية" هو تعليم خاص بفئة ضالة تتشبه بالشيطان الذي اشتهى الألوهة فيقول الأنبا شنودة:
          "يقولون في صفحة 36 من كتابهم: وبدقة كاملة يؤكد الآباء ان الابن الأزلي حوَّل بدايتنا أو أصلنا الى كيانه الإلهي .. الخ".
          وتعمد الأنبا شنودة اعتماداً على جهل القراء أن لا يذكر الفقرة الخاصة في رسالة القديس اثناسيوس الى أدلفوس حيث يقول معلمنا العظيم:
          "لقد تأنس لكي يؤلهنا في ذاته.
          وولد من امرأة
          وولد من عذراء
          لكي ينقل (يحوِّل) جنسنا العاصي الى ذاته.
          لكي نصبح بعد ذلك شعباً مقدساً.
          وشركاء الطبيعة الالهية كما يقول بطرس المبارك" (فقرة 4 راجع الترجمة الانجليزية ص 576).
          ان ارتداد الأنبا شنودة عن الإيمان يجعلنا في عمق التعاسة والاتهام له الأدلة القاطعة التي يذكرها الأنبا شنودة الذي كان في يوم من الأيام أسقفاً لكنيسة الأسكندرية العريقة.
          تحول كياننا الإنساني من آدم الأول المائت – الترابي – الأرضي الى المسيح آدم الأخير جاء بميلاد الرأس الجديد للجنس البشري ربنا يسوع المسيح ويؤكد القديس كيرلس الإسكندري ذات التعليم في شرح انجيل يوحنا إذ يقول:
          "الله الصالح، أسرع لكي يجمع قطيعه الشارد على الأرض ويضمه الى الذين فوق (الملائكة) وقرر أن يعيد الطبيعة الانسانية فيه من جديد الى الصورة الأولى بالروح القدس. ولم يكن طريق آخر ممكن ان تطبع الصورة الإلهية بواسطته من جديد وتشرق في الإنسان كما كانت أولاً .. فماذا جهز الله ليحقق هذا؟ وكيف أعاد غرس النعمة غير المغلوبة؟ أو كيف تجذر الروح القدس في الإنسان؟
          من اللائق أن نقول بأي طريقة أُعيد خلق الطبيعة الإنسانية الى حالتها الأولى؟ الإنسان الأول، ترابي من تراب الأرض، وكان في قدرته الإختيار بين الخير والشر، لأنه يميل الى الخير أو الشر ولكنه سقط بمكر وخدعة لئيمة، ومال الى العصيان، فسقط الى الأرض، الأم التي خرج منها، وساد عليه الفساد والموت، ونقل العقوبة الى الجنس البشري كله. ونما الشر وكثر فينا وانحدر ادراكنا الى الأسوأ وسادت الخطية، وبالإجمال ظهر ان الطبيعة الانسانية تعرت من الروح القدس الذي سكن فيها. "لأن روح الحكمة يهرب من الخداع" وكما هو مكتوب "ولا يسكن في الجسد الخاضع للخطية" (حكمة 1 : 4 سبعينية) ولأن آدم لم يحتفظ بالنعمة التي أعطاها الله له قرر الله الآب أن يرسل لنا آدم الثاني من السماء. فنزل الى شكلنا، ابنه الوحيد، الذي هو بالطبيعة بلا تغيير أو اختلاف، بل لم يعرف الخطية مطلقاً، حتى كما (بعصيان) الأول خضعنا للغضب الإلهي (رو 5 : 19)، هكذا بطاعة الثاني نهرب من اللعنة وكل شرورها تنتهي. ولكن حينما صار كلمة الله إنساناً، قبل الروح القدس من الآب كواحد منا، ولم يقبله كإقنوم في ذاته، لأنه كإقنوم هو واهب الروح وانما الذي لم يعرف خطية، عندما يقبل الروح كإنسان، يحفظ الروح لطبيعتنا، لكيما تتأصل فينا النعمة التي فارقتنا. لذلك السبب اعتقد ان المعمدان القديس أضاف (رأيت الروح نازلاً من السماء واستقر عليه). لقد فارقنا الروح بسبب الخطية، لكن الذي لم يعرف خطية، صار كواحد منا لكيما يتعود الروح القدس على السكن فينا، بدون مناسبة للمفارقة أو الإنسحاب منه.
          لذلك أخذ الروح القدس فيه، ليجدد، الصلاح الأول لطبيعتنا. وعن ذلك قيل أيضاً: "لأجلنا افتقر" (2كو 8 : 9) لأنه الغني كالله ولا يحتاج لأي صلاح، صار انساناً يحتاج الى كل شيء، وعنه قيل بكل صواب "وأي شيء لك لم تأخذه"؟ (1كو 4 : 7).
          وأيضاً وهو بالطبيعة الحياة مات بالجسد لأجلنا، لكي يغلب الموت لأجلنا ويقيم طبيعتنا كلها فيه، (لأن الكل كان فيه بصيرورته إنساناً)، وهكذا أيضاً، قبل الروح القدس لأجلنا، لكيما يقدس طبيعتنا كلها لأنه لم يأت لكي ينفع نفسه بل لكي يصبح لنا جميعاً، الباب والبداية والطريق لكل الخيرات السمائية. ولو كان رفض أن يقبل (الروح) كإنسان، أو يتألم عنا كواحد مثلنا، فكيف يمكن لأي إنسان أن يوضح أنه وضع ذاته؟
          أو ما الداعي لأن يحتفظ بصورة العبد، إذا لم يكن شيء خاص بصورة العبد قد كتب عنه. وعلينا أن لا نقطع التدبير الحكيم الى أجزاء، لأن بولس يصرخ مندهشاً من التدبير "لكي يُعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في الأماكن السماوية بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب القصد الأزلي الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا" (أفسس 3 : 10-11).
          وحقاً عظيم هو سر التجسد الذي رأيناه مملوءً حكمة الهية". (شرح انجيل يوحنا ص 185 – 186 القاهرة 1983).
          إن تأله ناسوت الرب يسوع هو الذي يحفظ سر الإفخارستيا كسر فائق يعلو على الإدراك الطبيعي الذي هو سر بلاء الهراطقة والمرتدين. وبكل حزن وأسف يؤكد الأنبا شنودة المشيخيين وغلاة المتطرفين من البروتستانت .. لأنه يردد تعليم يوحنا كالفن مؤسس المذهب الإنجيلي الذي مثل غيره اعتبر ان ما قدم في علية صهيون رمز لجسد المسيح ودمه. وغير الأنبا شنودة الفصل من "الذي يُسفك" الى "الذي سيسفك" وهو تغيير غير وارد في العهد الجديد.
يقول:
          عجيب أن يتكلم أحد عن سفك دمه، بهذا الهدوء .. وأن يتكلم عن سفك دمه بطريقة موضوعية هكذا، وسط مظاهر الفرح والتسبيح، وهو يحتفل مع تلاميذه بالعيد .. ولكنه المسيح المحب الحنون، الذي يفكر في خلاص البشرية، وليس في ذاته هو أو في آلامه.
          نلاحظ هنا أنه قال دمي الذي يُسفك وليس الذي سُفك.
          وكذلك قال جسدي الذي يُبذل وليس الذي بُذل ... ذلك لأن دمه قد سُفك يوم الجمعة، وجسده قد بُذل يوم الجمعة، اليوم الذي تم فيه الخلاص.
          إن حديثه يوم الخميس، كان عن الخلاص الذي سيتم يوم الجمعة. والفصح الذي احتفل به يوم الخميس، كان رمزاً للفصح الحقيقي الذي للعهد الجديد الذي يذبح عنا يوم الجمعة. وكأن الرب أراد أن يقول:
          إن هذا الفصح الذي تأكلونه اليوم يرمز الى جسدي الذي يُبذل عنكم غداً، وإلى دمي الذي يُسفك عنكم غداً.
          هذين اللذين أقدمهما لكم على صورة الخبز والخمر. وعلى هذه الصورة ستصنعون هذا السر لذكري.
          وعبارة "هذا اصنعوه لذكري" أمر يحمل استمرارية هذا السر مدى الدهور "لأنكم كلما أكلتم من هذا الخبز، وشربتم هذه الكأس، تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو 11 : 26). وعبارته "إلى أن يجيء" تحمل معنى أن ممارسة هذا السر العظيم تستمر حتى مجيئه الثاني، أي الى آخر الدهور". (مجموعة تأملات في أسبوع الآلام الطبعة الثانية فبراير 1991 ص 132).
          لكن حسب التسليم الرسولي المعلن في القداسات نحن سُلمنا جسد الرب ودمه في العلية والقديس اثناسيوس ومعه كل الآباء وكل قداسات الكنائس الأرثوذكسية وحسب الإيمان القويم تؤكد أننا لا ننال فقط غفران الخطايا بل: تجديد النفس والجسد، الامتلاء من الروح القدس، القيامة من الأموات، لأننا كما يقول معلمنا العظيم أثناسيوس:
          "نحن نتأله لأننا لا نتناول جسداً بشرياً وانما لأننا نتناول جسد الكلمة ذاته" (الرسالة الى مكسيموس ص 2).
          لقد أخذ الرب جسداً قابلاً للموت ولذلك مات على الصليب فهو حسب عبارات معلمنا الكبير القديس اثناسيوس:
          "لا يختلف عن جسدنا" (تجسد الكلمة 8 : 1)
          "قابلاً للموت" (تجسد الكلمة 9 : 1 – 13 : 9)
          لكن بموت المسيح الرب على الصليب تحول الجسد الى جسد غير فاسد بسبب:
الاتحاد بأقنوم الله الكلمة.
القيامة من الأموات.
          هذا التحوّل تم في آدم الأخير ربنا يسوع نفسه الذي فدى جسده هو أولاً بالموت على الصليب وتحرر جسده الخاص به من الموت ولم يعد جسداً قابلاً للموت لذلك يقول القديس اثناسيوس:
          "لم يكن ممكناً أن يحول الفاسد الى عدم فساد إلا المخلص نفسه ..
          ولم يكن ممكناً أن يعيد خلق البشر ليكونوا على صورة الله إلا الذي هو صورة الآب ولم يكن ممكناً أن يجعل الإنسان المائت غير مائت إلا ربنا يسوع المسيح الذي هو الحياة ذاتها" (تجسد الكلمة 2 : 1).
          ألا نقول قدوس الله الذي لا يموت .. ارحمنا.
          أليس عدم الموت هو صفة الهية.
          هل ظل جسد الرب بعد القيامة جسداً طبيعياً بلا مجد القيامة أو قوة اللاهوت؟
          يجيب الرسول بولس نفسه – كما لو كان يعيش معنا محنة التعليم:
          "فإن سيرتنا (المواطنة) نحن في السموات التي فيها ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح.
          الذي سيغير شكل جسد تواضعنا
          ليكون على صورة جسد مجده
          بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (فيلبي 3 : 20-21).
          لذلك ونحن هنا نردد عبارات القديس اثناسيوس في تجسد الكلمة:
          رفع حكم الموت (9 : 1)
          أبطل فساد الموت (9 : 4)
          أباد الموت (13 : 9، 26 : 6)
          أباد الموت الذي فينا وفي داخلنا (16 : 5)
          الموت أُبيد بنعمة القيامة (21 : 2)
          أمات الموت (30 : 2).
          وهذا أحد جوانب التأله كما يذكره أثناسيوس نفسه:
          "كان من الصواب أن يلبس المخلص جسداً لكي إذا اتحد الجسد بالحياة لا يعود يبقى في الموت كمائت بل إذ قد لبس عدم الفساد فإنه يقوم ثانية ويظل غير مائت ...
          إن كلمة الله .. قد لبس الجسد لكي لا يعود للموت والفساد يرهب الجسد
          لأنه قد لبس الحياة كثوب
          وهكذا أُبيد منه الفساد الذي كان فيه (تجسد الكلمة 41 : 7).
الأنبا شنودة لا يؤمن بالإتحاد الأقنومي:
          ليست المشكلة هي تأله ناسوت الرب لأنه يصف الرب يسوع بأنه "ناسوت متحد باللاهوت" (صفحة 10 جسد المسيح والجسد السري).
          وهذا تعبير نسطوري لأن المسيح له المجد ليس ناسوتاً متحداً باللاهوت بل هو الإله المتجسد وتراه يكرر نفس التعبير في صفحة 16 من كتاب جسد المسيح) واستدرك فقال في نفس الكتاب "طبيعة ابن الله هي لاهوت كامل متحد بناسوت كامل" ص 27 ولكن الكتيب كله يمزق وحدة المسيح حسب تعبير الأنبا شنودة الذي يذكر أن عبارة جسد المسيح لها ثلاثة استخدامات.
1- جسد المسيح الذي ولد من العذراء ... وجلس عن يمين الآب.
ولكنه عندما جاء للاستخدام الثالث قال:
2- والمعنى الثالث يستخدم في سر الإفخارستيا.
          وياترى لماذا تجاهل أو نسي صلاة الإعتراف الأخيرة "أعترف الى النفس الأخير أن هذا هو الجسد المحيي الذي أخذه من والدة الإله ... وأسلمه على خشبة الصليب ..." فكيف يمكن لمن يحيا حياة التقوى الارثوذكسية أن يفصل بين الاستخدام الأول والاستخدام الثالث. (راجع صفحة 6، 7).
3- وعندما جاء لشرح معنى الكنيسة جسد المسيح اكتفى بنصين من (أفسس 5 وكو 1 : 18، 24) وترك اصحاح 12 كله من الرسالة الأولى للرسول بولس الى كورنثوس "أنتم جسد المسيح وأعضاؤه أفراداً" (1كو 12 : 12).
          لا يؤمن بأن التجسد هو أساس الافخارستيا لأنه ذات الجسد الواحد ولا يؤمن بأن هذا الجسد الواحد يجعل الكل أعضاء فيه وأننا جسد واحد وروح واحد مع الرب يسوع وفي الرب نفسه والسبب في ذلك هو إنكار الإتحاد الأقنومي ولذلك يقول مرتين إن إنكار لاهوت المسيح:
          "يكون بأحد أمرين إما الهبوط بالسيد المسيح الى مستوى البشر كما فعل الأريوسيين" وظاهر العبارة جيد وباطنها شرير لأنه ينسى أن المسيح له المجد نزل الى مستوانا عندما تجسد ولذلك تراه يقول في شرح كلمات الرب نفسه في يوحنا 17 : 22 "المجد الذي أعطيتني قد اعطيتهم" ويقول "لم يعطي مجد اللاهوت فهذا مستحيل. وهو ضد قول الرب في سفر اشعياء: "مجدي لا أعطيه لآخر" (أش 42 : 8)". وكل ما أعطاه هو مجد بشري روحي (ص 23 تأليه الإنسان الجزء الأول) وهذا تفسير أريوسي لأن مجد الابن ليس مجداً بشرياً حسب شرح القديس يوحنا ذهبي الفم في العظة 82 على (يوحنا 17 : 14-26) (راجع المقالة الأولى ضد الأريوسيين للقديس اثناسيوس فقرة 48).
          جوهر المشكلة أن الأنبا شنودة لا يؤمن بالتجسد ولا باتحاد حقيقي للاهوت الابن بالناسوت الذي اخذه من والدة الإله وهو مثل الأنبا بيشوي لا يقبل تعبير الآباء والقداسات أن جسد الرب هو جسد محيي [1] الذي تأله بعدم الفساد وعدم التألم بعد القيامة وتجسد الكلمة 26 : 22 وعندما يقول القديس اثناسيوس في جسد ابن الله:
          "إن جسده كان أول ما تم تخليصه وتحريره. إذ أن هذا الجسد هو جسد الكلمة نفسه" (ضد الأريوسيين 2 : 61).
          لأن المسيح هو باكورة الراقدين ولذلك يقول القديس اثناسيوس بعد ذلك:
          "وهكذا اذ قد صرنا متحدين بجسده قد خلصنا على مثال جسده" ... وحيث ان ذلك الجسد قد أقيم، هكذا نحن أيضاً نقوم من الأموات لأن القيامة هي مجد الخلود كما يقول اوغسطينوس في شرح "المجد الذي اعطيتني قد اعطيتهم".
          وفي رد القديس كيرلس على نسطور الكتاب الخامس: يشرح كلمات الرب يسوع:
          "لنفهم انه من ذات طبيعة أبيه وقد صار الوسيط والمصالح عندما تجسد وصار مثلنا: هو فينا بواسطة جسده الذي يحيي وبالشركة في قداسته بواسطة الروح القدس. وهو هنا يسأل أن يُعلن مجده لنا لأن جسده هو جسد محيي وبلا فساد لأنه جسد الإله".
          وعندما يصبح مجد الرب يسوع مجداً بشرياً فإن قائل هذه العبارة ليس مسيحياً.
التعليم الكنسي المسلم من القديس كيرلس الاسكندري:
          "نحن لا نقول ان طبيعة الكلمة قد تغيرت حينما صار جسداً وايضاً نحن لا نقول ان الكلمة قد تغير الى انسان. نحن نقول انه على الرغم ان الطبيعتين اللتين اجتمعتا معاً في وحدة حقيقية مختلفة فإن المسيح واحد وابن واحد من اثنين .. انه من أجل خلاصنا وحد الطبيعة البشرية بذات أقنومه وولد من امرأة ...
          ان كلمة الله حسب الطبيعة غير مائت وغير فاسد لكونه هو الحياة ومعطي الحياة" (رسالة رقم 4 الى نسطور).
          وايضاً:
          "داس الموت أولاً في جسده الخاص فصار (البكر من الأموات) (كولوسي 1 : 18) وباكورة أولئك الذين رقدوا (1كو 15 : 20) لكي يعيد الطريق الى قيامة عدم الفساد.
          ونصير مشتركين في الجسد المقدس والدم الكريم للمسيح مخلصنا جميعاً ونحن نفعل هذا لا كأناس يتناولون جسداً عادياً حاشا ... بل باعتباره الجسد الخاص للكلمة نفسه المعطي الحياة حقاً وبسبب انه صار واحداً مع جسده الخاص أعلن أن جسده معطي الحياة" (الرسالة رقم 17 وهي الرسالة الثالثة لنسطور).
          وعندما يقول الأنبا شنودة ان الرب لم يقل "من يأكل ويشرب لاهوتي ..." وهي عبارة نسطور (ص 18 تأليه الإنسان الجزء الأول).
          يجيب القديس كيرلس الإسكندري:
          "نحن لا ننسب أقوال مخلصنا في الأناجيل الى اقنومين أو الى شخصين منفصلين، لأن المسيح الواحد الوحيد لا يكون اثنين" (الرسالة الثانية الى نسطور: 13).
          أما بخصوص تجديف الأنبا بيشوي "يؤكل ولا يؤكل" فإننا سوف ننشر الجزء الثاني للرد عليه من كتابات ابينا القديس كيرلس التي نشرت باللغة العربية مع ملاحظة ان شرح انجيل يوحنا والكتب الخمسة ضد نسطور نشرت على شبكة الانترنت لمن يريد المراجعة.
---
نحن الموقعين على هذه الدراسة:
د. روبرت شو (ارثوذكسي)
د. جورج بباوي (ارثوذكسي)
          نطلب من الآباء الأساقفة عدم ذكر اسم الأنبا شنودة في صلاة تحليل الخدام ولا في الأواشي لأن ذكر اسمه كرئيس اساقفة يعني الشركة الكاملة معه في التعليم غير الارثوذكسي ونطالب الشعب بمساعدة الأساقفة والكهنة في شهادتهم حتى يعود الأنبا شنودة الى الايمان.
          لقد كتبنا هذه الكلمات بوجع قلب وحسرة على رجل نكن له محبة مسيحية حقيقية.
جورج بباوي
انديانا 7 يناير 2007
 
العنوان الأصلي للمقال
الرد على كتاب الأنبا شنودة تأليه الإنسان
الرجوع الى قسم العقيدة المسيحية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق