فعاقبة الله سبحانه بتسليمه إلى ملك آرام فضربوه وسبوا منه سبياً عظيماً وأتوا بهم إلى دمشق. وعاقبه مره أخرى بأن دفعه أيضاً لملك إسرائيل فضربه ضربة عظيمة وقتل منهم 120 ألفاً في يوم واحد. ومن بين القتلى كان زكري إبن الملك آحاز وعزريقام رئيس البيت وألقانة ثاني الملك. وسبي ملك إسرائيل من يهوذا 200 ألف من النساء والأطفال ونهبوا منهم غنيمة وافرة ( أخبار الأيام الثاني 1:28-15).
فأتى بعد ذلك الأدوميين وضربوا من يهوذا وسبوا منهم سبياً وإقتحم الفلسطينييون السواحل الجنوبية ليهوذا. في ذلك الوقت، بحماقة من الملك آحاز لم يطلب مساعدة الله رب العالمين ولكنه أرسل لملوك آشور حتى يساعدوه. فأخذ قسماً من ممتلكات بيت الرب وبيته ومن رؤساء مملكته وأعطاها لملك أشور ومع ذلك خذله ولم يساعده. وبعد ذلك وهو في هذه الضيقة الشديدة التي أحوج مايكون فيها لله سبحان بسبب هجمات مملكة آرام وإسرائيل والأدوميين والفلسطينيين ومع كل الذبح والسبي لم يلجأ إلى الله سبحانه وزاد عبادة للأصنام و كفراً بالله. فراح يذبح الذبائح لآلهة آرام المملكة التي غلبته ظناً بأن آلهة آرام قد ساعدتهم في الإنتصار عليه وأنه إن ذبح لهذه الاصنام التي اثبتت قوتها في نصر عُبادها ستساعده وتنجيه. فراح متلهفاً وأخذ أواني بيت الله أغلق أبواب البيت وعمل مرتفعات في كل مدينة من مدن يهوذا عليها مذابح لآلهة أخرى فزاد في إسخاط الله عليه (أخبار الأيام الثاني 17:28-25).
حينما بدرت كل هذه الغباوة من الملك آحاز ملك يهوذا في اللجوء إلى الملوك وآلهة الأمم لطلب النصر ناسياً الله الذي أنجاهم من مصر، أرسل الله له إشعياء النبي ليخبره في 5:7-6 أن آرام وإفرايم قد تآمرتا عليه ويريدان تنصيب إبن بطئيل ملكاً بدلاً عنه. وطمأن إشعياء النبي آحاز أن هذا لن يكون. ولتثبيت قلب آحاز لكي لا تزوغ وراء آلهة الأمم كما هي عادته، طلب منه إشعياء أن يختار علامة لنفسه حتى يطمئن قلبه أن الله سينجيه فجاء رد الملك آحاز قائلاً أنه لن يطلب آية ولن يجرب الرب (عدد 12). هذا الرفض لم يكن من باب التقوى، كلا، فهو أبعد مايكون عن التقوى وكلام
إشعياء النبي الذي تلى رفض آحاز للعلامة واضح جداً فقال بغضب شديد في العدد 13 "قال النبي إسمعوا يا آل داود أقليل عندكم تعجيز الناس حتى تُعجزون ربي أيضاً"[1] بحسب ترجمة الراباي سعيد الفيومي وأما العربية المشتركة فتقول "أما إشعيا فقال: ((إسمعوا يا بيت داود! أما كفاكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا إلهي أيضا؟" أما كفاكم أن تضجروا؟ هل كان إشعياء النبي متفائل بتقوى آحاز في عدم تجربة الرب أم أنه مستاء وغاضب بسبب ضجر آحاز من إله إسرائيل؟ من الواضح أن إشعياء كان غاضباً جداً بسبب عدم إيمان آحاز ورفضه للإستعانه بالله. فآحاز لم يكن تقي ولكنه لم يصدق إشعياء واستهان به وبإلهه معتقداً أن إله إشعياء ليس قادراً على تحقيق النصر. فلا يريد آية ولا علامة من هذا الرب وهذا الإله الذي يتبعه إشعياء. قال الأب أنطونيوس فكري في تفسيره لعدد 13 "توبيخ إشعياء لأحاز هنا راجع لرفض الاستعانة بالله." وقال الأب تادرس يعقوب ملطي مانصه "أما آحاز فقد صوّب نظره نحو أشور، رافضًا أية معونة من قِبَل الله، لذا رفض طلب آية منه، مبررًا ذلك بنص كتابي "لا أُجرب الرب" (تث 6: 16). لم يقل هذا عن ثقة في الله وإنما رغبة في عدم التعامل معه." وقال مفسروا التفسير التطبيقي ص1389 "ولكن آحاز لم يشأ ،في الحقيقة، أن يعرف ماذا يريد الله أن يقول." وقال الراباي أبرهام إبن عزرا وهو من كبار مفسري اليهود "من إجابة النبي نستخلص أن كلمات آحاز أُخذت على محمل سيء: لن أسأله ولن أجربه، لأني أعلم أنه لا يستطيع إجابة ما سأطلبه"[2] أما الراباي سليمان ابن اسحق (الراشي) فقال "ولن أُجرب: لا أُريدُ أنْ يَتَقَدَسَ إسْمُهُ مِنْ خِلالي"[3] وأختم النقول بكلام الراباي يهودا إبن بلعام الذي قال "كان المظنون بهذا القول أنه تواضع منه فلما كشف الوحي ضميره تبين أنه إنما كان تعجيزاً للقدرة"[4]
أما الله سبحانه وعن طريق إشعياء النبي فقال في العدد 14 فيما معناه (لكن مع رفضك يا آحاز لمساعدتي أنا الله سأعطيك علامة على مساعدتي حتى تعرف أني أنا من ساعدك وليس آلهة آشور الوثنية، ها الفتاة الشابه تحبل وتلد إبناً وتسميه عَمْ نوأل עַם נוֹאָל الذي تفسيره شعب غبي لغباوتك وصدك عني يا آحاز) ذلك لأن آحاز لم يكتفي فقط بعدم طلب المساعدة من الله مع كل المحن التي مر بها ضرب الأمم المحيطة به إياه وقتل من مملكتة مئات الأولوف وسبي مئات أولوف أخرى واعطاء ملك آشور الهدايا التي أخذها وخذله ولم يساعده ثم عبد آلهة آرام وأهداها أواني بيت الرب التي هي كذلك خذلته ولم تنصره ثم ذبح لآلهة أخرى كثيره ومن ثم طمع بمساعدة آشور مره أخرى وأخيراً مع كل تلك المصائب رفض حتى العرض والمساعدة التي عرضها النبي إشعياء عليه متعلقاً قلبه بآشور. فجاء نصر الله له بعلامة تثبت أن الله هو الناجي لا آلهة آشور وآرام ولم يعطيه الله النصر وحده بل ووبخه مسمياً العلامة
عَمْ نوأل أي شعب غبي، شعب أحمق. فهذا التغير الشاهق في معنى الكلمة من الله معنا إلى شعب غبي فقط يأتي عن طريق تقسيم الكلمة. فالكلمة في إشعياء هكذا עמנואל فإن قسمت الكلمة هكذا עמנו-אל تكون الله معنا كما يدعي
اليهود والنصارى وإن قسمتها هكذا עמ-נואל تكون معناها شعب غبي أو أحمق وهو الموافق للنص كما بيينا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] DERENBOURG, JOSEPH "OEUVRES COMPLÈTES DE R. SAADIA BEN IOSEF AL-FAYYOUMI" vol. 3 p.11
[2] تفسير أبرهام بن عزرا لسفر إشعياء ص41
[3] http://www.chabad.org/library/bible_cdo/aid/15938/showrashi/true
[4] Goshen-Gottstein, Moshe “R. Judah Ibn Bal’am’s Commentary on Isaiah” p.53
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق