الأربعاء، 16 أبريل 2014

المسيح عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمته

المسيح عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمته

بسم الله الرحمين الرحيم

بعث الله تبارك وتعالى النبيين مبشرين ومنذرين أولهم ءادم عليه السلام وءاخرهم محمد. وكان قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم  المسيح عليه السلام إذ كان نبياً رسولاً وقد أيده الله بالمعجزات الباهرات الظاهرات الدالات على نبوته وصدقه وحقية رسالته. ولما بلغ عليه السلام الثلاثين من العمر أوحى الله تعالى إليه أن يبرز إلى الناس ويدعوهم إلى عبادة الله تعالى فصار عليه السلام يدعو إلى ذلك ويقول لهم أيها الناس اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً وءامنوا بأني رسول الله إليكم، فآمن به اثنا عشر شخصاً يسمون الحواريين. فأخذ عيسى عليه السلام يوزعهم في نواحي الأرض يدعون إلى عبادة الله وحده بنشر دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء والملائكة.


دعوته عليه السلام والكتاب الذي أنزل عليه
أرسل الله تبارك وتعالى عيسى إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى دين الإسلام وعلمه التوراة وأنزل عليه كتاباً سماوياً وهو الإنجيل الذي فيه دعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد خالق كل شيء وإلى الإيمان بأن عيسى عبد الله ورسوله، وفيه بيان أحكام شريعته وفيه البشارة بنبي ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه الأمر بالصلاة والصيام وغير ذلك من أمور الدين وكان أصل دعوته شيئين: إفراد الله بالعبادة والإيمان به أنه نبيه، ولم يسمِ نفسه ابناً لله ولم يسم الله أباً له. فآمنت به طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة كما قال الله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين). أولئك أتباع عيسى عليه السلام الصادقون الذين كانوا على هدي نبيهم عيسى عليه السلام وعلى طريقته وتعاليمه حتى بعد رفعه إلى السماء إلى مائتي سنة، ثم بعد ذلك صار عدد المؤمنين ينقص شيئاً فشيئاً.


مكيدة اليهود ورفعه عليه السلام إلى السماء
قال الله تبارك وتعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا ءامنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وعنادهم وءامن بعيسى عليه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له أنصاراً وأعواناً قاموا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسله الله تبارك وتعالى ليدعو إليه، ولما أخذت دعوته تنتشر ويكثر أتباعه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه وأخذوا يدبرون مكيدة لقتله والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله تبارك وتعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تبارك وتعالى في الرد علي اليهود الذين زعموا أنهم قتلوا نبي الله عيسى عليه السلام: (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله حكيماً) [سورة النساء/157-158].


وورد في قصة رفع نبي الله عيسى عليه السلام إلى السماء أنه قبل أن يدخل اليهود على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كان عليه السلام مع اثني عشر من أصحابه وتلاميذه في بيت فقال لهم: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال لهم: أيكم يُلقى عليه شبهي ويُقتل مكاني فيكون رفيقي في الجنة؟ فقام شاب أحدثهم سناً فقال: أنا، قال اجلس، ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب وقال: أنا. ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب الثالثة، فقال عليه السلام: أنت هو، وألقى الله سبحانه وتعالى شبه عيسى عليه السلام على هذا الشاب، فدخل اليهود البيت وأخذوا الشاب فقتل وصلب بعد أن رفع عيسى عليه السلام من روزنة في البيت-وهي نافذة في أعلى الحائط- إلى السماء وأهل البيت ينظرون. ثم افترقوا فرقاً، فرقة قالت: هو الله، وفرقة قالت: هو ابن الله، وفرقة قالت: هو عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الفرقتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامساً حتى بعث الله محمداً .

قال الله تبارك وتعالى: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيام ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) [سورة ءال عمران/54-55] ومعنى قول الله تعالى (متَوَفيكَ) أي قابضك إلى السماء وأنت حي يقظان، ويجوز أن يفسر بأن هذا من باب المقدم والمؤخر فكأن السياق إني رافعك ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك أي مميتك، فعلى هذا التفسير وهو تفسير ابن عباس يكون متوفيك معناه مميتك، أي بعد رفعك إلى السماء وإنزالك.
نزول عيسى المسيح عليه السلام من السماء قبل يوم القيامة وأنه من علامات الساعة
ليعلم أنه ورد في الشريعة أن من علامات قرب قيام الساعة نزول عيسى عليه السلام من السماء إلى الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قرأ قوله تعالى: (وإنه لعلم للساعة) [سورة الزخرف/61] فقال: »نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة«. فأحاديث نزوله عليه السلام من السماء مشهورة قريبة من التواتر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  أن عيسى عليه السلام لما ينـزل من السماء ينـزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يعيش في الأرض أربعين سنة يحكم خلالها بشريعة القرءان شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعد نزول عيسى عليه السلام يعم الإسلام الأرض والأمن والسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب.

وقد ورد أنه عليه السلام يسلك فج الرَّوحاء حاجاً أو معتمراً ويقصد قبر النبي فيسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم  فيرد الرسول عليه السلام ويقيم في الأرض حاكماً أربعين سنة ثم يموت فيدفن في الحجرة النبوية قرب قبر النبي صلى الله عليه وسلم  وصاحبيه؛ روى الحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: "ليهبطن عيسى ابن مريم حكماً مقسطاً وليسلكن فجاً حاجاً أو معتمراً وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه".

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق