يظهر ذلك للحاضرين واختلف صوته ونغمته فكيف بمن يكون رب العالمين هو الحال فيه المتحد به المتكلم بكلامه
فإنه لا بد أن يكون بين كلامه وصوته وكلام سائر البشر وصوتهم من الفرق أعظم من الفرق الذي بين المصروع وغير المصروع بما لا نسبة بينهما
يبين هذا أن موسى لما سمع كلامه سمع صوتا خارقا للعادة مخالفا لما يعهد من الأصوات ورأى من الآيات الخارقة والعجائب ما يبين أن ذلك الذي سمعه لا يقدر على التكلم به إلا الله وأما المسيح فلم يكن بين كلامه وصوته مع طول عمره وكلام سائر الناس فرق يدل على أنه نبي فضلا عن أن يدل على أنه إله وإنما علم أنه نبي بأدلة منفصلة ولم يكن حاله يختلف مع أنهم يقولون أن الاتحاد ملازم له من حين خلق ناسوته في بطن أمه مريم وإلى الأبد لا يفارق اللاهوت
لذلك الناسوتأبدا وحينئذ فمن المعلوم أن خطابه للناس إن كان خطاب رب العالمين لم يكن هو رسوله وإن كان خطاب رسوله لم يكن ذلك صوت رب العالمين
الثالث أن مصير الشيئين شيئا واحدا مع بقائهما على حالهما بدون الاستحالة والاختلاط ممتنع في صريح العقل وإنما المعقول مع الاتحاد أن يستحيلا ويختلطا كالماء مع الخمر واللبن فإنهما إذا صار شيئا واحدا استحالا واختلطا
الرابع أنه مع الاتحاد يصير الشيئان شيئا واحدا فيكون الإله هو الرسول والرسول هو الإله إذ هذا هو هذا وإن كان الإله
غير الرسول فهما شيئان ومهما مثلوا به قولهم كتشبيههم ذلك بالنار في الحديد والروح في البدن فإنه يدل على فساد قولهم فإن الحديد متى طرق أو وضع في الماء كان ذلك مصيبا للنار وكذلك البدن إذا جاع أو صلب وتألم كان ذلك الألم مصيبا للروح فيلزم أن يكون رب العالمين قد أصابه ألم الجوع والعطش وكذلك الضرب
والصلب على قولهم وهذا شر من قول
اليهودأنه فقير وأنه بخيل وأنه مسه اللغوب
شيخ الإسلام ابن تيمية
كتابات أخري لشيخ الإسلام ابن تيمية
كتابات شيخ الإسلام عن النصرانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق